هل سمعتم عن ( مهرجان جنون المطالعة ) ؟!
هذا المهرجان أعلن عنه وزير الثقافة فقد أعلن حالة الطوارىء القصوى لأنه وجد منسوب القراءة في انخفاض فنزل هو وكبار الكتاب والمؤلفين في الشوارع والحدائق العامة والمراكز الثقافية والمكتبات العامة يقرؤون ويتحدثون مع الناس من حولهم عن القراءة والكتب , ولكن أين حدث ذلك ومتى ؟
حدث ذلك في عام 1993م وبالتحديد في فرنسا التي يطلق عليها بلد النور والثقافة لأنها أدركت قيمة العلم والقراءة , وفي السابق عندما سُئل فولتير الفيلسوف الفرنسي عمن يقود الجنس البشري أجاب (( الذين يعرفون كيف يقرؤون )) وفولتير ولد يوم 21 نوفمبر سنة 1694م الموافق 3 ربيع الآخر 1106هـ في فرنسا وكان فولتير كاتباً غزير الإنتاج قام بكتابة أعمال في شتى أنواع الأدب تقريباً , فقد كتب المسرحيات والشعر والروايات والمقالات والأعمال التاريخية والعلمية وأكثر من عشرين ألفًا من الخطابات , وأكثر من ألفين من المنشورات والكتب.
وهذا كان في السابق ولكن الحقيقة
والواقع أن من أنهى الأمية هو الإسلام من قبل فولتير بـ ١١٠٦ سنة، وقد علق ابن القيم -رحمه الله - على قول الله تعالى : ( وقل ربي زدني علما ( كفى شرفا بهذا العلم أن أمر نبيه
أن يسأله المزيد منه.
فأول أمر نزل من السماء هو اقرأ
لقد اقترنت لفظة ( اقرأ ) بقوله تعالى : وربك الأكرم ( في سورة العلق) ، دليل على أن القراء هم من سينالون كرم الله -عز وجل- في الدنيا وهم مَنْ سيعلو شأنهم ويمكنون في الأرض ويستوي في ذلك المسلم وغير المسلم لأنها سنة كونية أجراها الله في خلقه.
وهذه السنة الإلهية التي جعلها الله في الأرض أدركها غير المسلمين وتناساها وأغفلها المسلمون في يوم من الأيام فكانت بداية النهاية
للحقبة الزاهرة الماضية من عمر الحضارة الإسلامية.
ولا أمل للمسلمين اليوم في استعادة ما كان لهم من شأن عظيم إلا بتغيير أنفسهم من خلال العودة الحقيقية إلى العلم والقراءة وإلى وضع مقتضيات شريعتهم موضع التطبيق وإشاعة الحكم العادل في بلاد المسلمين وجمع كلمة الناس على الحق وسيمكن الله لهم مرة أخرى وينصرهم فسنن الله لا تتغير وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (( إن الله ينصر الأمم العادلة ولو كانت كافرة ، ويهزم الأمم الظالمة ولو كانت مسلمة)).
وعندما سُئل سقراط الفيلسوف الإغريقي - كيف تحكم على إنسان ؟ فأجاب ( اسأله كم كتاب يقرأ )
وكل الإحصائيات والتقارير توضح ما نحن فيه من أمية وإهمال شديد للقراءة فمتوسط القراءة في العالم العربي = ست دقائق في السنة بينما متوسط القراءة في إحدى الدول الأوربية : ۲۰۰ ساعة في السنة ، اذن ما الحل؟ وكيف نعود للقراءة ؟ وكيف نحبها ؟ سوف نحاول سوياً في تلك السطور القليلة التالية أن أقدم لكم بعض المساعدة والطرق التي تعيننا على حب القراءة والعودة إلى الطريق السليم طريق العلم والمعرفة.
والأن كيف تكون ملكة القراءة ؟ عليك أن تعلم أولاً أن القراءة غذاء كالماء
والطعام فهل هناك من لا يعرف يأكل أو يشرب أو يقول بأنه لا يجد وقت كافي لذلك من أجل ذلك ابدأ بتخصيص وقت للقراءة
وكذلك استغل أوقات الانتظار ( اجعل معك كتاباً في السيارة في جيبك في جوالك ) وتعلم فن القراءة الذي يتمثل في خمس نقاط
١ - مـــــــاذا أقرأ ؟
٢- لماذا أقرأ ؟
اقرأ كل ما تحب
وللإجابة على هذا السؤال يجب أن تعرف أهداف القراءة
أهداف القراءة لا تخرج عن سبعة هي:
١ - البحث عن المتعة والراحة.
۲- استشراف الصورة العامة لكتاب ما.
- المراجعة لما تمت قراءته سابقا.
٤ - البحث عن معلومة بعينها.
٥- التدقيق والتصحيح.
٦ - الدراسة المتعمقة والحفظ .
٧- القراءة للنقد.
-٣- أين أقرأ ؟
أختار المكان المناسب من حيث الهدوء وجودة الإضاءة والتهوية والجلسة المريحة ولا تتجاهل أخذ فترات راحة مناسبة بين وجبات
القراءة
٤ - متى أقرأ ؟ ابتعد عن كل ما يشغلك وابحث عن الساعة الذهبية للقراءة:
أي الوقت الذي يناسبك أنت فلكل واحد ظروفه ووقته الذي يكون فيه تركيزه عالياً وتحصيله أكثر سواء ليلاً أو نهاراً أو بعد الظهيرة ابحث أنت في يومك عن الوقت المناسب وعندما تجد تلك الساعة الذهبية عليك أن تحيطها بسياج منيع ابتعد عن الأصدقاء والتلفاز والهاتف والمشاغل اجعلها للقراءة فقط ومن المهم جداً أن تبتعد عن القراءة في أوقات
الكسل والخمول أو بعد عمل شاق أو بعد وجبة ثقيلة دسمة أو سهر
طويل والنقطة الخامسة والمهمة في فن القراءة هي:
ه - كيف نقرأ ؟
ولكي تعرف كيف تقرأ عليك أن تعرف أولاً أن للقراءة أساليب والشائع
منها أربعة أساليب وهي:
(۱) الاستطلاع - القراءة الاكتشافية :
وتكون تلك القراءة للبحث عن موضوع أو كتاب ما ويتم ذلك
باستعراض الفهرس ثم استعراض الفصول .
(۲) القراءة العابرة:
وهي القراءة بغرض البحث عن معلومة أو البحث في القاموس أو المعجم.
(۳) القراءة الدراسية :
وهي لطلبة العلم والدارسين لاستيعاب كل مكنون الكتب والدراسة
(٤) القراءة السريعة ، لماذا نحتاج لها ؟
لأن العصر الذي نعيش فيه الآن عصر تدفق المعلومات فمن خلال شبكة الإنترنت يمكنك نقل محتوى كتاب كامل أو كتب كاملة تتجاوز عدد صفحاتها عدة مئات تنقلها من أقصى الأرض إلى أدناها في ثواني معدودة
اذاً فما هو معدل القراءة الجيد وكيف أطور من سرعة قراءتي ؟
فقد كان الرئيس تيودور روزفلت يقرأ يومياً كتاباً كاملاً قبل تناول طعام الإفطار والرئيس الأمريكي جون كندي يقرأ بمعدل ۱۲۰۰ كلمة في الدقيقة.
وسرعة القراءة السائدة بين الناس هي ما بين مائتين وثلاثمائة كلمة في الدقيقة ، أي حوالي خمس عشرة صفحة من القطع المتوسط لكل عشر دقائق ، ولكي تصل لسرعة في القراءة يكون ذلك بالتدريب المستمر مثل لاعب الكرة بدون تدريب يقل أداؤه واعلم أن سرعة القراءة ترفع مستوى الاستيعاب فقد أثبتت الدراسات أن سرعة القراءة تزيد من الفهم أكثر من القراءة البطيئة لكثير من القراء ولكن لتتعلم القراءة السريعة يجب أن تعرف العوامل التي تقلل من سرعة القراءة لتتجنبها
وهي:
۱ - قراءة كل كلمة على حده.
٢- القراءة بصوت مرتفع.
٣- القراءة بالتحريك الخاطئ للعين.
٤ - ضعف التركيز.
ه - قلة ممارسة القراءة.
والآن علينا معرفة العوامل الأساسية لزيادة سرعة القراءة:
١ - تأكد من سلامة نظرك.
٢- لا تقرأ بصوت مرتفع.
3- استخدم الدليل البصري.
٤- وسع مجال نظرك.
ه - عش مع المؤلف وأفكاره.
- لا تتقيد بسرعة معينة.
وعليك أن تبطئ من سر عتك عند الضرورة بسبب المرور على مصطلح غريب أو جديد أو تركيب لغوي صعب غير مباشر فلا بد من التمهل حتى تستوعب معنى الجملة أو الفقرة بأسرها وخصوصا في المذاكرة
والدراسة .
وإليك بعض النصائح للقراءة الذكية :
- لا تبعد عن الهدف من قراءة الكتاب الذي بين يديك.
- تفاعل مع الكتاب وعش معه ويمكنك وضع علامات مميزة عند المواضيع المختلفة .
- اختار الوقت المناسب للقراءة والمستوى المناسب.
- حَضّر الكتاب وهَيَّنَّهُ قبل القراءة من ثني الغلاف وفتح الصفحات ومعرفة المحتويات والعناوين حتى تصبح ألفة بينك وبين الكتاب. - تعرف على الناشر ودار النشر والمقدمة وغلاف الكتاب قد يحوي على معلومات هامة تساعدك في معرفة ما يحتويه والأسلوب المتبع
في كتابته ومع الوقت والخبرة سوف تعرف دور النشر الجيدة ودور النشر الغير جيدة.
- نوع قراءتك اقرأ في كل المجالات وتعرف على جميع الثقافات.
وأخيراً إذا أحببت شرحاً كاملاً لما سبق عن القراءة سوف تجد كل ذلك بشرح وإسهاب في كتاب القراءة الذكية للدكتور ماجد العبدلي فكل ما سبق كان اختصار لكتابه الرائع .
وأذكركم إن أردنا النهوض والتقدم والقيادة فعلينا بالعلم والعلم يأتي بتنفيذ أمر الله « اقرأ «
الحلول المقترحة للعودة للقراءة:
۱- نبدأ مع الطفل الصغير بإبراز الكتاب وأهميته والقراءة أمامه من القصص المشوقة وأن الكتاب له مكانة خاصة وكيف أرسل الله الكتب السماوية لكل الأديان ليعلمنا ويهدينا لأنه يحبنا ويحب لنا الخير فالخير كل الخير في العلم في الكتاب.
٢ - نبدأ من المدرسة في كل المراحل وضع حصة للقراءة الحرة والجلوس في المكتبة يومياً وفي كل مرحلة يخصص ما يقرب من ٢٥٠ عنوان ( كتاب ( منوعة من روايات وقصص وكتب علمية وفي شتى المجالات لكي يختار الطالب ما يجب أن يقرأ من القائمة الموجودة في المكتبة ومن يريد كتاباً ما ليس موجوداً يتقدم للمعلم بذكر اسم الكتاب ويتم البحث عنه الكترونياً ليتم التحقق من جودته وتحت إشراف مدرس المادة الذي يساعد الطلاب في أي استفسار ويقوم كل طالب بتلخيص ما استفاده من الكتاب ومناقشة الكتاب مع المدرس وباقي الفصل وفي كل شهر كتاب جديد فذلك سوف يرفع
أيضا معدل قراءة الأساتذة الذين يقومون بتدريس القراءة الحرة وفي أيام المناقشات سوف يستفيد الجميع بإضافة كل الكتب التي تم قراءتها من باقي الزملاء فلو فرضنا أن في الفصل ٣٠ طالب ففي
نهاية الشهر سوف يكون كل طالب قرأ ٣٠ كتاب وهكذا.
-٣- في المنزل يجب علينا جميعا كآباء وأمهات أن نهيئ الجو للقراءة ونحبب أولادنا في القراءة بالقراءة أمامهم ووضع مكتبة في المنزل والاهتمام بالكتاب وتخصيص وقت ومكان لذلك.
٤- إنشاء معرض الكتاب لمدة أطول وتكون في جميع المحافظات يكون لمدة شهر في كل محافظة ينتقل على التوالي ليتيح الفرصة لكل الناس للاطلاع والشراء .
ه- وضع خطة لبرامج تليفزيونية عن الكتاب والقراءة ويكون كل شهر مخصص لأديب ، مفكر ، عالم ، مخترع، وعلى مدار الشهر يناقش ويلخص بعض الكتب المهمة والمفيدة لكل الفئات وفي كل المجالات وإلقاء الأضواء على العلماء والمفكرين وإظهار أثر القراءة عليهم وعلى المجتمع.
-٦- عودة المكتبات المتنقلة للأحياء والشوارع والمحافظات ونشر الثقافة والعلم ووضع بوسترات توضح أهمية القراءة وتحفز لها وخرائط وعناوين المكتبات العامة والمتنقلة وجدول تواجدها وتنقلها
-۷- رصد جوائز ومكافآت لمن يقرأ أكبر عدد من الكتب ولمن يساعد على القراءة أو يأتي بأفكار مبدعة تعين على القراءة.
المرجع : كتاب القراءة الذكية للدكتور ( ماجد العبدلي )
تعليقات
إرسال تعليق