القدوة والتقليد الأعمى
القدوة هي الأسوة وهو شيء فطري الأنسان من الصغر تجد الطفل في يقلد أباه في كل شيء القول والفعل وكذلك البنت تقلد أمها بغض النظرعن إذا كان الأب حسن السلوك أو الأم ، أو أن يكون ذلك القدوة سيئة وليست حسنة فالطفل في سن لا يميز القبيح من الحسن
وكذلك المتأسي يرى أن هذه قدوة حسنة لإعجابه بذلك الشخص فقد لا يميز الحسن من السيىء أو يختلط عليه الأمر فيرى القبيح حسن والشر خير، فلا يحسن اختيار القدوة الحسنة.
والقدوة والأسوة تكون نظرية وعملية فالنظرية تتمثل في القوانين والعادات والمبادئ والقناعات التي يتعلمها الإنسان وهي مهمة والأهم الأسوة العملية فالأسوة العملية الحسنة هي الحق متحركاً و متمثلاً في شخصية متكاملة، متحركة أمامك فالنبي أسوة عملية حسنة بتزكية وشهادة ربانية (لكم في رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)..
فقد ابتلينا في تلك الأيام بفقدان القدوة في شتى المجالات بعد أن كان في الأزمنة السابقة تجد علماء ومتميزين في مختلف المجالات لهم وزنهم وحضورهم وهيبتهم وبصمات واضحة تجعل الشباب يتمنى أن يكون مثلهم و بعد أن تصدر الغرب المقدمة في شتى المجالات وتحكم في الاقتصاد والإعلام وبغياب العلم ظهر التقليد الأعمى وأصبح تركيز الإعلام على فئتين فقط الفنانين والرياضيين فأصبح الشباب مغرم بالفئتين ويرى فيهما الشهرة والمال وبرز الاهتمام الغير عادي بهؤلاء ولا تجد من الشباب من يعرف عن أجداده العظماء والعلماء والمفكرين إلا من رحم ربي والله المستعان
إذا سألت شاب عن فنان أو لاعب كرة يسرد لك تاريخ حياة ذلك اللاعب من مولده إلى تلك اللحظة وكم لعب وممن تزوج وكذلك الفتيات تعرف الفنانة الفلانية والفنان العلاني وتريد أن ترتدي مثلها وتضع صورها في كل مكان والأدهى أن تهتم الفتاة بفنان معين وتعتبره هو رمز الرجولة وتضع صوره في كل مكان وترتدي ما يشابه ملابسه من الماركات العالمية ، ومن التقليد الأعمى الذى تندهش له الذى يأتي من الكبار وليس من الأطفال والشباب فقط بل من الكبار تجد كل البرامج التي تعرض لنا نسخة مقلدة من الغرب والمثير للضحك أن تنقل كما هي بنفس الأسلوب والإخراج والحركات سواء كانت مناسبة لنا ولعاداتنا أم لا، تقليد للأسف ليس أعمى كما كنت أعتقد والدليل على ذلك لو فكرت وشاهدت البرامج الغربية كلها وتفحصت تجد عندهم برامج كثيرة منها ما هو للتسلية والتهريج ومنها ما هو جاد ومفيد ولكننا لا ننقل سوى الإسفاف منها والمضحك أو الذي لا يفيد في تنمية المجتمع تجد برامج التوك شو والمقالب والتريقة واستخراج المواهب ولكن أي مواهب هل سيصبح العالم كله بين مغني وراقص ومقلد ولاعب ولاهي فقط ويتم إنفاق المال الوفير والجهد الكبير والوقت الثمين على مالا يفيد و خصوصا في تلك الأيام وهذا الزمن الذي يتقدم فيه العالم ويبتكر ويصنع ويأخذ من أفكارنا وشبابنا ومخترعاتنا ويتم تنفيذها عندهم وتباع لنا.
أصبحنا مستهلكين فقط ولسنا منتجين أصبح اقتصادنا يتحكم فيه غيرنا أصبحنا سوق لمنتجاتهم استطاعوا أن يشتروا عقول أبنائنا المبدعين و هيأوا لهم البيئة الصالحة و أعانوهم على البحث العلمي وعلى تنفيذ أفكارهم ومخترعاتهم وأعطوهم الجنسية واعتنوا بهم فامتلكوهم و امتلكوا عقولهم بتوفير كل شيء لهم .
حتى في التأليف والإخراج تنقل الأفلام والمسلسلات كما هي بما تحويه من تجاوزات أخلاقية وعادات تخالف الشرع والدين ننبهر بالإخراج والتقنية العالية والحبكة الدرامية و ننقلها كما هي وبالتالي لا نعالج مشاكلنا بل نضيف إلى أطفالنا وشبابنا مشكلات وعادات تختلف معنا تماما وبذلك نصعد إلى الهاوية ونحن نعتقد أننا سوف نتقدم مثلهم
ونأخذ منهم كل شيء وهم يدسون لنا السم في العسل. ومن التقليد الأعمى أن ترى الشباب والفتيات يشترون الملابس التي تحتوي على عبارات إنجليزية دون معرفة معنى الكلام ومعنى العبارات المكتوبة والإشارات والشعارات ومنها ما هو مسيء وبذيء
ينبهرون بالشكل والألوان دون التفكير في المضمون واذا أردنا أن تعالج تلك الظاهرة فعلينا أن نبحث عن الأسباب التي أدت لذلك فإذا
تم التشخيص ومعرفة الداء كان أسهل عليك معرفة الدواء المناسب .
من تلك الأسباب الهامة هو تراجعنا للخلف بعد أن كنا نقود العالم وكنا مصدر العلوم والأخلاق ويتعلم العالم منا تراجعنا وأهملنا كل شيء وتقدم العالم من حولنا أخذوا علومنا وترجموها وأضافوا عليها وبحثوا وتقدموا بالعلم والقراءة والعمل الجاد والإتقان والجدية أخذوا كل تعاليم الإسلام وطبقوها خير تطبيق ولذلك تقدموا لأنها سنة الله في أرضه والله لا يظلم أحدا، فمن يجتهد ويأخذ بالأسباب ينل ما يريد فمن يأخذ بأسباب القوه يصبح قوياً .
ومن الأسباب أيضا أننا رغم ما تحت أيدينا من ثروات وكنوز وعلوم تركناها وتغيرت اهتماماتنا وأستطاع الأعداء أن يغزونا فكريا بعد أن وجدوا أن الغزو المسلح لا ينجح مع قوي الإيمان والعلم فعملوا جاهدين على طمس التاريخ ونشر الأفكار الهدامة وبث الفرقة ففرق تسد وتقسيم البلدان والعبث بالحدود ووضع العراقيل والخلافات بيننا وللأسف يجدون من يساعدهم من بني جلدتنا من ضعيفي النفوس ومحبي الدنيا والراحة والكسل واللعب والكسب السريع ، فخرج جيل لا يعرف جدوده وانبهر بالحضارة الغربية والتقدم وهو معزور فدائما النفس البشرية تبحث عن القدوة والمثل الأعلى مِنْ مَنْ هو قوي ومشهور ويملك المال والجاه والسلطة وكان للإعلام دور بارز وقوي فهو يلقي الضوء على فئات معينه وهو سلاح خطير في نشر العلم والثقافة فكان هذا الجهاز في أيدي غير أمينة توجه وتتحكم في المجتمع فتراجعنا، فترك الساحة والريادة والعلم والمعرفة والقراءة هو ما تسبب في ذلك حتى للأسف ظهر لنا بعض علماء غير مكتملي العلم فكان العلماء في السابق يملكون شتى أنواع العلوم الطب والفلك والهندسة والفقه في وقت واحد وكان هناك وعي وفهم بمصالح الناس والحياة والخير والعلماء موجودون بحفظ الله ولكن من يصل للحكم والظهور في الإعلام لفئة معينة إلا من رحم ربي فذلك كان له تأثير كبير من إصدار فتاوى متضاربة وقد لا تخدم الدين والانغلاق والخوف من كل ما هو جديد وتحريمه في أول الأمر لعدم معرفته جيدا والخوف من استخدامه جعلنا نرجع للخلف ونترك العلم والعلوم والاختراعات ، ومثال على ذلك عندما ظهور التلفاز والكمبيوتر والإنترنيت والدش والجوال والكاميرات الرقمية، فبدل من أن توظف كل وسائل التقنية لخدمه البشر وخدمة الإسلام جلسنا تقيس كل أمور الدنيا هل هي حلال أم حرام ونهرب منها ونحن مأمورون بالتفكر والتدبر والقراءة والبحث العلمي فكل تلك الأدوات مثل الكوب والسكين هل الكوب والسكين حرام ؟ أم الاستخدام والتوظيف هو الذي يحدد فالكوب يمكنني أشرب به الحليب ويمكنني أيضا ان أضع فيه خمر وكذلك السكين أستخدمه في الذبح الحلال والتقطيع المباح ويمكنني أن أقتل به فلذلك كان يجب علينا أن نستخدم كل وسائل التكنولوجيا في نشر العلم والدين والأخلاق والخير وعدم ترك كل الوسائل لضعاف النفوس والأعداء ، وحتى لا أطيل عليك فالحل هو .
الحل يتمثل في تعاون الجميع الدولة والمسؤولين والمؤسسات والأفراد
ونتعلم ونبحث ونطبق القانون على الجميع ونراعي الله ونأخذ بالأسباب. وهذه بعض الأفكار والحلول العملية:
أولا - التغير ويكون ذلك من الداخل على كل نفس أن تتغير للأفضل ليتحقق قول الله تعالى { إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيَّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ } [الرعد: 11] ابدأ بنفسك ومن تعول أبحث عن القدوة في كل مجال (ولكم في رسول الله أسوة حسنة ) .
ثانيا - الأخذ بالأسباب كلها ففي بلادنا بلاد العرب والمسلمين كل الثروات الطبيعية من رمال ومعادن وذهب وبترول وأرض خصبة وأنهار ومناخ كل أسباب القوة وكل الخامات الطبيعية متوفرة للاستخراج والاستخدام والتصنيع وتبدأ من حيث انتهى الآخرون والأمة بخيروبها المفكرون والأفكار والشباب والمال.
ثالثاً - علينا أن نواجه بنفس الأسلوب بتنوير أبنائنا نقرأ لهم تاريخنا ونعرفهم عظماء الإسلام والبطولات الحقيقية القديمة والمعاصرة ونحببهم في القراءة والعلم ونشجعهم نفجر الطاقات تخرج وننتج أفلام لذلك ونعد إعلاما واحد واعيا نقرأ ونتعلم نعود لأخلاقنا ونطبق الإسلام الحق ونقيم العدل نوحد ونجمع لا نفرق نبتكر وننتج ونتقدم ونعيد الريادة والدقة تعتمد على أنفسنا ونستفيد من غيرنا ونتعلم من تجارب الآخرين ولا نقول صعب وكيف بل وجب على كل مقتدر ورجال الأعمال أن يوفروا البيئة المناسبة للأفكار والمخترعات ومساعدة الشباب ونشر العلم وترجمة الكتب الأجنبية المتخصصة في كل العلوم
ندعم البحث العلمي ننشر الوعي والثقافة نعيد الأخلاق والحب
رابعاً : تفعيل المشروعات الصغيرة والأسر المنتجة وأخذ الدورات اللازمة لإخراج منتج جيد .
خامساً : الاهتمام بالزراعة وإنتاج المحاصيل الأساسية من قمح وارز فالاكتفاء الذاتي والتصدير يجعلك قوي ولا يتحكم فيك وفي غذائك دول أخرى .
سادساً- ضع لك . هدفا كبيرا ومجموعة أهداف توصلك الى الهدف الكبير، اكتب هدفك وضعه أمامك باستمرار
خطط وسجل كل أهدافك وضع لها خطة وفترة زمنية محددة تابع ما انجز وقيم ما تم إنجازه المتابعة والتقييم المستمر .
وأخيراً الخلاصة:
- التقليد الأعمى يمكن أن يؤدي إلى مشاكل كثيرة يمكن أن يفقدنا شخصيتنا وهويتنا..
- يجب أن نكون حذرين بشأن من نقتدي به.
- يجب أن نفكر بأنفسنا، ولا نتبع الآخرين بشكل أعمى.
- يجب أن نكون فخورين بأنفسنا وبهويتنا وبطريقتنا الخاصة.
- يجب أن نختار الملابس التي تعبر عن شخصيتنا، وليس الملابس التي يرتديها الآخرون.
- يجب أن نكون واثقين من أنفسنا، ولا نحاول أن نكون شخصاً آخر.المطبات ( الموضوعات)
تعليقات
إرسال تعليق