آخر الأخبار

القائمة الرئيسية

الصفحات

التدخين يدمر الصحة ( حافظ على حياتك وأسرتك ووطنك بالأمتناع عنه )

مُسعد أبو السعود والشهرة الزائفة

 مُسعد أبو السعود والشهرة الزائفة

مسعد والشهرة الزائفة


كان مُسعد أبو السعود شابًا يعشق الأضواء حد الهوس. الشهرة كانت هاجسه الأكبر، والوصول إليها هدفه الأسمى، مهما كانت الوسيلة. ذات ليلة، بينما يحدق في سقف غرفته المتواضعة، لاحت في ذهنه فكرة «الاختراع العظيم» - جهاز صغير، كساعة اليد، يطلق ذبذبات وإشارات للمخ، يغمر صاحبه بشعور دائم بالراحة والسعادة.


ظل الاختراع حبيس التجارب الأولية، بعيدًا كل البعد عن الكمال، لكن خيال مُسعد الجامح صوّر له أنه قد بلغ مبتغاه. الآن، كل ما ينقصه هو وسيلة لعرض هذا «المنقذ للبشرية» على العالم، وبذلك يحصد الشهرة التي طالما تاقت إليها روحه.


كان مُسعد فنانًا بارعًا في استخدام أدوات السوشيال ميديا. وبمساعدة الذكاء الاصطناعي، تمكن من خلق حملة دعائية مبهرة، فيديوهات جذابة قدمت اختراعه المزعوم في صورة منتج ثوري. ولإضفاء مصداقية أكبر، زجّ باسم نجم سينمائي لامع في حملته، مدعيًا أنه الوجه الإعلاني لهذا الجهاز العجيب.


انتشر الخبر كالنار في الهشيم. الاستفسارات والاتصالات انهالت، والصحف والمواقع الإلكترونية تناقلت قصة الشاب المصري الذكي الذي اخترع «ساعة السعادة». لقد بدأت رحلة الشهرة التي طالما حلم بها مُسعد.

مسعد المخترع في الصحف


لكن، ولسوء حظ مُسعد، كان الفنان الشهير يقضي فترة تصوير فيلم في الخارج. وصلته الأخبار من أحد المقربين، فاستشاط غضبًا ودهشة. كيف يجرؤ هذا الشاب على استغلال اسمه وهو الذي لم يسمع به قط ولاَ عن اختراعه؟ على الفور، أمر مدير أعماله بالاتصال بالمحامي الخاص واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة.


لم يمض وقت طويل حتى وجد مُسعد نفسه خلف القضبان. لكن الغريب في الأمر أنه لم يكن يشعر بالندم أو الخوف، بل كان سعيدًا! لقد تحقق له ما أراد، الجميع يتحدث عنه، صُورتَه واسمه يملآن الصفحات الأولى، وكل ما يتمناه الآن هو مقابلة النجم الذي كان سبب شهرته، حتى لو كانت شهرة زائفة.



النهاية المفاجئة:

بينما كان مُسعد يقبع في زنزانته، غارقًا في نشوة الشهرة المؤقتة، عاد الفنان المشهور إلى البلاد. تابع القضية باهتمام، وشعر بشيء غريب تجاه هذا الشاب الجريء الذي استغل اسمه بهذه الطريقة المبتكرة.


بدلاً من الاكتفاء بالإجراءات القانونية، قرر الفنان أن يفعل شيئًا غير متوقع. طلب مقابلة مُسعد في السجن.


عندما وُضع مُسعد أمام النجم، كاد قلبه يتوقف من الإثارة. توقع توبيخًا أو نظرات غضب، لكن ما سمعه كان مختلفًا تمامًا.


قال الفنان بابتسامة خفيفة: «يا لك من شاب طموح ومجنون! طريقتك غير تقليدية، بل ومخالفة للقانون، لكنني لا أستطيع إنكار ذكائك وقدرتك على جذب الانتباه. لقد جعلت العالم يتحدث عن ‹اختراعك› قبل أن يرى النور.»


صُدم مُسعد ولم يستطع الكلام.


تابع الفنان: «لقد قرأت عن فكرتك، وحتى لو كانت لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أن مفهوم ‹السعادة الفورية› يثير اهتمامي. لدي موارد وفرص قد تساعد في تطوير هذا الاختراع حقًا. ما رأيك أن نعمل معًا؟ سأساعدك في تحويل هذا الحلم إلى حقيقة، ولكن هذه المرة بطريقة شرعية وصحيحة.»


دهش مُسعد تمامًا. لم يكن يتوقع أبدًا أن تتحول قضيته من فضيحة إلى فرصة العمر. وافق على الفور، وعينه تلمع ببريق الأمل الحقيقي هذه المرة.


وهكذا، خرج مُسعد من السجن ليس كمتهم، بل كشريك محتمل لنجمه الذي استغله. بدأت رحلة جديدة، هذه المرة نحو تحقيق اختراعه الحقيقي، وبدعم من شخص لم يكن يتخيله يومًا حليفًا له. لقد كانت شهرة زائفة هي البوابة إلى فرصة حقيقية لم يكن ليحلم بها لولا جرأته واندفاعه.

تعليقات